كتبكتب التفنيد

الرد على كتاب حتمية المواجهة .. الجماعة الإسلامية ‏

يوجه الكاتب خطابه الي المسلم الملتزم بدينه المهتم بأمر أمته الذي يعيش في سنوات الفتنة حيث غياب الاسلام، واصفا من خلال كتابه الدواء للخروج من هذا المأزق راسما ملامح طريق عودة الأمة الاسلامية الي إسلامها، مبينا ان هذا الطريق هو طريق النبيين والخلفاء الراشدين وعلماء الأمة من خلال الامر بالمعروف والنهي عن المنكر تقود اليه جماعة منضبطة بالشرع وبتجارب من سبقها.

وإزاء تعدد الجماعات والتيارات والافكار التي تملا الساحة الاسلامية ما بين جماعة تحمل عقيدة فاسدة وجماعة اخري حسبت الاسلام شعائر ونسكا لا تزيد علي ذلك وكلها جماعات لا تأمر بالمعروف ولا تنهي عن منكر وامنت ببعض الكتاب وكفرت ببعض ومالأت السلطان والحاكم ولم تستطع الوقوف امام التحديات وإزالة الهزيمة التي منيت بها الأمة وإذ بالرصاصات المنطلقة علي منصة العرض العسكري بيد خالد الاسلامبولي واخوانه في اكتوبر 1981 وما تلاها من بوادر ثورة اسلامية تفتح الطريق أمام الانتصار لدين لله وتفتح السجون التي امتلأت بقادة الجماعات الإسلامية في سبتمبر من نفس العام وتهز كيان وهيبة الدولة “الفاجرة الظالمة ” من خلال هذه العصبة المؤمنة التي تحمل كتاب الله ومعهم سيوفهم التي تقودهم الي النصر، فالنصر لابد له من بذل وتضحية تحمل الاسلام وتواجه الكفر والطغيان مواجهة قوية  واعية تدرك متطلبات الثورة علي الجاهلية من خلال رفع السيف والسنان وحمل المدفع والبندقية اعلاء لراية الجهاد.

المواجهة التي هي حتمية شرعية يقرها الشرع من وجوه أربع: –

  • خلع الحاكم الكافر المبدل لشرع الله
  • قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الاسلام
  • اقامة الخلافة وتنصيب خليفة المسلمين
  • تحرير البلاد واستنقاذ الاسري ونشر الدين

 

 

الحتمية الأولي: خلع الحاكم المبدل لشرع الله لكفره بهذا التبديل                 وقد استند في هذا إلى ثلاث ركائز: –

الركيزة الأولي: أن بلادنا لا تحتكم للشريعة الإسلامية واستبدلتها بالقوانين الوضعية وقام الكاتب بعقد مقارنة بين حكم الشريعة وأحكام قانون العقوبات المصري فيما يتعلق بمسائل الحدود ليظهر تجاهل المشرع المصري لأحكام الشريعة فيما يتعلق بهذه الحدود

  • تبديل حد الزنا

 فعقوبته الشريعة الرجم أو الجلد

أما في القانون الوضعي فلا يعتد القانون الا بزنا أحد الزوجين فقط أما غير الأزواج فلا عقاب عليه ما دام الرضا بين الشريكين قائما وبالنسبة لزنا أحد الزوجين فالعقوبة لا تخرج عن الحبس أو الغرامة المالية

  • تبديل حد القذف

عقوبته في الشريعة الجلد ثمانون جلدة وعدم قبول الشهادة إلا بعد التوبة

في القانون الوضعي الحبس أو الغرامة المالية

  • تعطيل حد الردة

ونقل الإجماع على وجوب قتل المرتد استنادا إلى قوله تعالي ” ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة … الآية ” 217 سورة البقرة

وحديث البخاري ” من بدل دينه فاقتلوه

أما في القانون الوضعي فق خلا الدستور من النص علي عقوبة المرتد وكل ما ورد في القانون الوضعي لم يتعد مرحلة “الجنح المتعلقة بالأديان” والتي عقوبتها الحبس.

وكذلك الحال في شأن شرب الخمر والحرابة والسرقة

وبناء على ذلك التبديل فإننا أصبحنا على شفا حفرة من النار بسبب عدم الحكم بما أمر الله فيا خلفاء الأرض.. يا من توقعون عن الله عليكم بدين الله فثبتوه وليضطركم على تطبيق ما يخالف شرع الله فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وعليكم بالقران واتبعوا ما فيه ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون

 

الحكم في مصر يعطل شرائع الإسلام

حيث إن قضية الإسلام مغيبة والحكومات العلمانية تسعي لتحريف الدين وتعطيله حتى يظل حبيس المساجد فلا دين في الجامعات ونظم التعليم والثقافة ولا دين في السياحة والاعلام والتجارة والصناعة ولا في الحكم والتشريع ولا دين في السياسة.

حكومة مصر تبيح الربا وتتعامل به حيث يقوم النظام المالي على المعاملات الربوية إقراضا واقتراضا وتتعامل الحكومة بهذا المنكر مع المواطنين دونما اعتبار للحرام.

ألا يكفي؟

تبديل الحدود واباحة الربا واحلال شرائع غير المسلمين جعل مصر تعيش في مستنقع من النظم والقوانين الكافرة

وهنا يحق للمسلم ان يجهر بكلمة الحق ” ان القوانين الوضعية كفر بواح لا خفاء فيه وان الحاكم الذي يحكم بها كافر مرتد

 

الركيزة الثانية: ترك الحكم بشريعة الاسلام كفر بواح والحكم بالقوانين الوضعية كفر بواح والحاكم الذي يحكم بالقوانين الوضعية كافر مرتد

استنادا الي قوله تعالي ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم …”

وقوله تعالي “أفحكم الجاهلية يبغون

بالإضافة الي كلام الدكتور عمر عبد الرحمن: ” فالحكم بالقوانين المستوردة من دول الكفر والتي وضعها بعض رجال القانون في البلاد الاسلامية ولاسيما في المواد التي هي صريحة في المخالفة للكتاب والسنة كفر لاريب وضلال لا يرقي اليه شك… وكذا يكفر من يتحاكم الي هذا القانون راضيا به.. “

 

 

 

الركيزة الثالثة: الحاكم المستبد الكافر يجب على المسلمين قتاله وخلعه

استنادا لقوله تعالي ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله

ولحديث عبادة بن الصامت قال: ” دعانا رسول الله صلي الله عليه وسلم فبايعناه فكان مما اخذ علينا ان بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا واثرة علينا والأ ننازع الأمر أهله قال:” الإ أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان

وكلام الدكتور عمر عبد الرحمن ” وفي الحديث الصحيح “سيكون امراء فتعرفون وتنكرون فمن كره برئ ومن أنكر سلم لكن من رضي وتابع قالوا: افلا نقاتلهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة.. واقامة الصلاة كناية عن اقامة دين الله واتباع منهج رسوله والحكم بما انزل الله والتحكم الي شريعة الله … وقد اجمع المفسرون على عدم طاعة ولي الامر فيما فيه معصية كما اجمعوا على وجوب الخروج عليهم لكفرهم

فهي إذن دعوة للقتال قتال كل حاكم كافر مبدل لشرع الله قتال يقوم بامر الله وامر رسوله ” انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وانفسكم في سبيل الله ” وهذه هي الحتمية الأولي للمواجهة وما قام به خالد الاسلامبولي واخوانه خطوة على الطريق ولا بد ان تتبعها خطوات وخطوات.

 

تفنيد ما ادعاه الكاتب ودحض أسانيده

تضمنت الحتمية الاولي ان الحاكم متي احتكم الي القوانين الوضعية تاركا الاحتكام الي الشريعة الاسلامية يكون قد ارتكب ما يستوجب تكفيره الأمر الذي يوجب على الرعية الخروج عليه وقتاله وقد اثارت هذه المغالطة قضيتين هما: –

الأولي: قضية تطبيق الشريعة الاسلامية

 ويمكن تناول هذه القضية وتوضيح ما علق بها من لبس وتشويش من خلال بيان هذه النقاط:

  • ان الشريعة اوسع من ان تختزل في مسالة الحدود بل يتسع مفهومها ليشمل العقائد والاخلاق والفقه الذي يضبط حركة الانسان في الحياة وعلاقته بربه من خلال العبادات وعلاقته بغيره من خلال المعاملات وتأتي الحدود كأحد ابواب الفقه الواسعة فهي باب من ابواب كثيرة في قسم من اقسام متعددة للشرع الحنيف
  • أن قضية الحدود تشتمل على جانبين: الجانب الأول هو الاعتقاد بأحقية هذا النظام العقابي في ردع الإجرام، وفي تأكيد إثم تلك الذنوب وأن هذا النظام العقابي لا يشتمل على ظلم في نفسه ولا على عنف في ذاته، والجانب الآخر هو أن الشرع قد وضع شروطاً لتطبيق هذه الحدود، كما أنه قد وضع أوصافاً وأحوالاً لتعليقها أو إيقافها، وعند عدم توفر تلك الشروط أو هذه الأوصاف والأحوال فإن تطبيق الحدود مع ذلك الفقد يعد خروجاً عن الشريعة.
  • المتأمل في النصوص الشرعية يجد أن الشرع لم يجعل الحدود لغرض الانتقام، بل لردع الجريمة قبل وقوعها، ويرى أيضاً أن الشرع لا يتشوف لإقامتها بقدر ما يتشوف للعفو والصفح والستر عليها.
  • لمدة نحو ألف سنة لم تقم الحدود في بلد مثل مصر، وذلك لعدم توفر الشروط الشرعية التي رسمت طرقا معينة للإثبات، والتي نصت على إمكانية العودة في الإقرار، والتي شملت ذلك كله بقوله صلى الله عليه وسلم: “ادرؤوا الحدود بالشبهات”.. وقول عمر بن عبد العزيز: “لأن أخطئ في العفو ألف مرة خير من أن أخطئ في العقوبة”. والنصوص في هذا كثيرة لا تتناهى.
  • قد يوصف العصر بصفات تجعل الاستثناء مطبقاً بصورة عامة، في حين أن الاستثناء بطبيعته يجب أن يطبق بصورة قاصرة عليه، من ذلك وصف العصر بأنه عصر ضرورة، ومن ذلك وصف العصر بأنه عصر شبهة، ومن ذلك وصف العصر بأنه عصر فتنة، ومن ذلك وصف العصر بأنه عصر جهالة، وهذه الأوصاف تؤثر في الحكم الشرعي، فالضرورة تبيح المحظور، حتى لو عمت واستمرت، ولذلك أجازوا الدفن في الفساقي المصرية مع مخالفتها الشريعة، والشبهة تجيز إيقاف الحد كما صنع عمر بن الخطاب في عام الرمادة حيث عمت الشبهة بحيث فٌقد الشرط الشرعي لإقامة الحد
  • ونخلص من هذا ان عدم تطبيق الحدود لا يعني ترك الشريعة الاسلامية –والتي هي أوسع مفهومها ومضمونا من قصرها في أحد ابواب الفقه الذي يعد أحد أقسام الشرع الاسلامي _لحساب القوانين الوضعية بل لوجود اعتبارات زمانية وظروف الناس وحالتهم والنظر للأحكام الشريعة وما يطرأ عليها من أمور تقتضي تعطيلها او وقفها كما حدث في عهد الخلافة الراشدة.

ومتي ثبت أن عدم اعمال الحدود لا يعد تركا او اهمالا للشريعة الاسلامية فان الحاكم المسلم الذي لا يطبق الحدود لا يكون تاركا للشريعة الاسلامية ومستبدلا اياها بنظم كافرة تستوجب الخروج عليه وقتاله

 

القضية الثانية: ان الحاكم متي استبدل الشريعة الاسلامية بالقوانين الوضعية فانه فعل ما يوجب تكفيره والخروج عليه وقتاله

ويمكن الرد على هذه الشبهة من خلال الاتي: –

ذلك لأننا إذا رجعنا إلى قواعد اللغة ودلالات الحروف والأسماء نجد أن كلمة (من) الواردة فى قوله تعالي “ومن لم يحكم بما أنزل الله.. “من أسماء الموصول، وهذه الأسماء لم توضع – فى اللغة – للعموم، بل هى للجنس، تحتمل العموم، وتحتمل الخصوص.

قال أهل العلم باللغة والتفسير، وعلى هذا يكون المراد والمعنى (والله أعلم) أن من لم يحكم بشيء مما أنزل الله أصلا فأولئك- أى من ترك أحكام الله نهائيا وهجر شرعه كله-هم الكافرون وهم الظالمون، وهم الفاسقون، وذلك بدليل ما سبق من الأحاديث الدالة على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج بها عن إيمانه وإسلامه وإنما يكون آثما فقط.

أو أن المراد فى هذه الآيات بقول الله ( بما أنزل الله ) هو التوراة، بقرينة ما قبله وهو قوله { إنا أنزلنا التوراة } وإذا أخذنا هذا المعنى كانت الآيات موجهة لليهود الذين كان كتابهم التوراة، فإذا لم يحكموا بها كانوا كافرين أو ظالمين أو فاسقين، والمسلمون غير متعبدين بما اختص به غيرهم من الأمم السابقة ، فقد كانت – مثلا – توبة أحدهم من ذنب ارتكبه قتل نفسه { فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم } البقرة 54 ، وحرم هذا في الإسلام { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، وشرع بديلا لقتل النفس التوبة بالاستغفار وبالصدقات .

وبهذا البيان يكون مجرد ترك بعض أوامر الله أو مجرد فعل ما حرم الله مع التصديق بصحة هذه الأوامر وضرورة العمل بها، يكون هذا إثما وفسقا، ولا يكون كفرا، ما دام مجرد ترك أو فعل دون جحود أو استباحة.

وعلى ذلك يكون ترك الحاكم بعض أحكام الله وحدوده مخالفة تسبغ عليه إثم هذه المخالفة، ولا تخرجه من الإسلام، ولعل فيما قاله رسول الله ﷺ وأوردناه فيما سبق من قوله (ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل) [رواه ابو داود، برقم: 2532] لعل في هذا الرد القاطع على دعوى تكفير المسلم الذي لم يجحد شيئا من أصول الإسلام وشريعته.

الحديث الذى رواه الإمام مسلم في صحيحه عن عوف بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم      ( أي تدعون لهم ويدعون لكم، لأن الصلاة في اللغة الدعاء ) ، ويصلون عليكم ،وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم .قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم(أي نقاتلهم) قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة .

  ومثله الحديث الذى رواه أحمد وأبو يعلى أن رسول الله ﷺ قال (يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود، ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود ، فقال رجل أنقاتلهم يا رسول الله ، قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة ،وروى الإمام مسلم في صحيحه عن أم سلمة (هند بنت أبى حذيفة) رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (انه يستعمل عليكم أمراء، فتعرفون وتنكرون، فمن كره فقد برىء، ومن أنكر فقد سلم، ولكن من رضى وتابع ، قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم ، قال لا ما أقاموا فيكم الصلاة معناه أن من كره بقلبه، ولم يستطع إنكارا بيد ولا لسان، فقد برىء من الإثم وأدى وظيفته ، ومن أنكر بحسب طاقته فقد سلم من هذه المعصية، ومن رضى بفعلهم وتابعهم فهو العاصي .

بهذه الأحاديث الصحيحة وغيرها يتبين لنا بوضوح إلى أن الإسلام لا يبيح الخروج على الحاكم المسلم وقتله مادام مقيما على الإسلام يعمل به، حتى ولو بإقامة الصلاة فقط، وأن على المسلمين إذا خالف الحاكم الإسلام أن يتولوه بالنصح والدعوة السليمة المستقيمة كما في الحديث الصحيح ( رواه الترمذي ج – 8 ص 113 و 114 بشرح القاضي ابن العربي (الدين النصيحة) قلنا: لمن يا رسول الله ، قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) فإذا لم يقم الحاكم حدود الله وينفذ شرعه تاما، فليست له طاعة فيما أمر من معصية أو منكر، ومعنى هذا أن الحكم بما أنزل الله لا يقتصر على الحاكم في دولته، بل يشمل كل أفراد المسلمين رجالا ونساء، وعليهم الالتزام بأمر الله فيما افتراض من طاعات والانتهاء عما نهى من منكرات .

ذلك أخذا بمجموع نصوص القرآن والسنة، وإلا فإن هذا الاتجاه والفكر الذى ساقه هذا الكتاب من باب من يقرأ قول الله {فويل للمصلين} الماعون 4، 5 ، ويسكت ولا يتبعها بقوله { الذين هم عن صلاتهم ساهون } الماعون 4 ، 5 ، ومن يقرأ قول الله { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة } النساء 43 ، ويسكت ولا يتبعها بقوله سبحانه { وأنتم سكارى } النساء 43 ، بل إن هذا الفكر يقول فى دين الله بغير علم، وذلك إثم عظيم يحمله كل من يبث هذا الفكر، وعلى المجتمع مقاومته ونبذه، وعلى الدولة الوقوف ضده .

والسبيل المستقيم مع أصول الإسلام في القرآن والسنة أن نطالب جميعا بتطبيق أحكام الله دون نقصان بالأسوة الحسنة والحجة الواضحة، لا بالقتل والقتال وتكفير المسلمين وإهدار حرماتهم.

هكذا أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} الأحزاب 21، وهكذا يجب أن نكون، وأن تكون دعوتنا إلى الله وإلى تطبيق شرع الله وتعميق العمل به فى السلوك والحكم.

 أما القول بأن الحكم في مصر يعطل شرائع الإسلام فمردود: –

 لأن بلادنا دار إسلام فهذه الصلاة تؤدى، وهذه المساجد مفتوحة وتبنى، وهذه الزكاة يؤديها المسلمون، ويحجون بيت الله، وحكم الإسلام ماض فى الدولة أما قضية الحدود فلأن لها ضوابط وشروطا لم يوجد مقدمها الآن، وليس رفضا لها ولكن لعدم تحقق الشروط.

وهذا لا يخرج الأمة والدولة عن أنها دولة مسلمة وشعب مسلم، لأننا – حاكما ومحكومين نؤمن بتحريم الربا والزنا والسرقة وغير هذا، ونعتقد صادقين أن حكم الله خير وهو الأحق بالاتباع، فلم نعتقد حل الربا وإن تعامل به البعض، ولم نعتقد حل الزنا والسرقة وغير هذا من الكبائر وإن وقع كل ذلك بيننا، بل كلنا – محكومين وحاكمين – نبتغى حكم الله وشرعه ونعمل به في حدود استطاعتنا، والله يقول {فاتقوا الله ما استطعتم} التغابن 16، وعقيدتنا فيما أمر الله بقدر ما وهبنا من قوة.

 

 الحتمية الثانية: وجوب قتال الطائفة الممتنعة عن تطبيق الشريعة وإن أقرت بوجوب ما امتنعت عنه ونطقت بالشهادتين

وقد استند الي النصوص والوقائع الاتية

  • قوله تعالي “وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله

قال ابن تيمية:” الدين هو الطاعة فاذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله“.

  • وبقوله تعالييا ايها الذين امنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله

قال القاضي ابن العربي المالكي معلقا: فان قيل ذلك فيمن يستحل الربا، قلنا نعم وفيمن فعله فقد اتفقت كلمة الامة علي ان من يفعل المعصية يحارب

  • وبفعل سيدنا ابي بكر في قتاله مانعي الزكاة

فالذين منعوا الزكاة ولم ينكروا وجوبها بل منعوها بخلا قاتلهم الصحابة رضي الله عنهم

فعلم ان اي طائفة ذات شوكة تمتنع عن شريعة من شرائع الاسلام تقاتل عليها وان كانت مقرة بالوجوب وان نطقت الشهادتين ومن أعان هذه الطائفة قوتل كقتالها ومن خرج في صف هذه الطائفة مكرها قوتل ايضا ويبعث على نيته وقتالها واجب ابتداء وان لم تبدأ هي بالقتال ولا يكف المسلمون عن قتالها حتي تلتزم شرائع الإسلام والمسلمون مأمورون بقتالهم حتي وان لم يكن لهم امام بل وان كان إمامهم من هذه الطائفة الممتنعة 

ان القعود عن هذا الجهاد هو التهلكة التي حذر منها القران ولا خلاف في جهاد من منع تطبيق بعض الشريعة وأولى منه من منعها كليا.

 وبإسقاط هذا على الواقع يقول الكاتب: “وامتناع الطوائف الحاكمة في بلادنا عن شرائع الاسلام ظاهر

ان الحديث عن الطائفة الممتنعة حديث دماء وقتال … مواجهة لا محيد عنها.

فبعد ان اقيمت الحجة والبرهان وعجزت الموعظة واستأسد الطغيان لم يعد هناك جدوي لأي صوت سوي صوت طلقات الرصاص ودمدمة المدافع ودوي القتال نعم إنه القتال الذي أمرنا به والجهاد الذي لابديل عنه

إنها المواجهة المسلحة التي قادها رجال ويقودها رجال.

 

الرد علي تلك الشبهة

 

اما عن الاستناد إلى  قوله تعالى “وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ” فلا يمكن الاستناد الي ما ذهبوا إليه للآتي:-

1-لما رواه عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ؛ أنه أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير فقالا إن الناس قد صنعوا ما ترى ، وأنت ابن عمر بن الخطاب ، وأنت صاحب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فما يمنعك أن تخرج ؟ قال : يمنعني أن الله حرم علي دم أخي المسلم . قالوا : أو لم يقل الله : [ ص: 56 ] ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) ؟ قال : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة ، وكان الدين كله لله ، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ، ويكون الدين لغير الله .

و زاد عثمان بن صالح عن ابن وهب قال : أخبرني فلان وحيوة بن شريح ، عن بكر بن عمرو المعافري أن بكير بن عبد الله حدثه ، عن نافع : أن رجلا أتى ابن عمر فقال [ له ] : يا أبا عبد الرحمن ، ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما ، وتترك الجهاد في سبيل الله ، وقد علمت ما رغب الله فيه ؟ فقال : يا ابن أخي ، بني الإسلام على خمس : الإيمان بالله ورسوله ، والصلوات الخمس ، وصيام رمضان ، وأداء الزكاة ، وحج البيت . قال : يا أبا عبد الرحمن ، ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) [ الحجرات : 9 ] ، ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) قال : فعلنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه : إما قتلوه أو عذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة ،

2- اما بالنسبة لاستنادهم لقتال ابي بكر وجماعة المسلمين لمانعي الزكاة فلا تدل علي جواز قتال كل طائفة ممتنعة بل الامر مقيد بان يكون القتال تحت راية امام وفي وجود موافقة لجمهور الامة كما حدث في عهد ابي بكر

وايضا فانهم لم يكفروا بمنعهم الزكاة بل كان القتال لمجرد المنع من اعطاء الزكاة والدليل علي ذلك :-

استدل القائلون بعدم تكفيرهم بهذا الحديث ، وذلك في قول عمر رضي الله عنه : ” كَيْفَ تُقاتِلُ النَّاسَ ” : إذ فيه دليل على أن الخلاف بينهما كان في القتال ، لا في الحكم بالإيمان أو الكفر، بل كانا متفقين على عدم كفرهم .

ويدل على هذا أمور :

الأول : أنهم لو كانوا كافرين لما شك عمر في قتالهم ، كما لم يشك في قتال مسيلمة والأسود وطليحة وغيرهم ممن ادعى النبوة أو رجع إلى عبادة الأوثان .

قال ابن قدامة : ” ووجه الأول – أي القول بعدم التكفير – أن عمر وغيره من الصحابة امتنعوا من القتال في بدء الأمر ولو اعتقدوا كفرهم لما توقفوا عنه .

ثم اتفقوا على القتال وبقي الكفر على أصل النفي ” ([4]) .

الثاني : أنهما لو اختلفا في كفرهم لبيَّن أبو بكر لعمرَ الفعل أو الاعتقاد المُكفِّر الذي وقعوا فيه ، ولكن جوابه لا يدل على ذلك .

وإلى هذين الوجهين أشار الإمام الشافعي بقوله : ” في قول أبى بكر : ” هذا من حقها ، لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه ” معرفة منهما معاً بأن مِمَّن قاتلوا من هُو على التمسك بالايمان ، ولولا ذلك :

لما شك عمر في قتالهم ،ولقال أبو بكر : قد تركوا لا إله إلا الله فصاروا مشركين .

وَقَالُوا لِأَبِي بَكرٍ بَعدَ الإِسَارِ : “مَا كَفَرنَا بَعدَ إيمَانِنَا وَلَكِن شَحِحنَا عَلَى أَموَالِنَا

الثالث : أن عمر رضي الله عنه قال بعد ذلك : ” فَواللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ ” ، ولو كان الخلاف في التكفير لقال : ” فَواللهِ ما هُوَ إِلاَّ أَنْ قَدْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَ أَبي بَكْرٍ رضي الله عنه لقتال الكافرين فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ ” . وهذا ظاهر جداً .

 قالوا : وتأولهم الذي تأولوه في منعهم الزكاة تأوُّلٌ سائغٌ ، وهو تأولهم لقوله تعالى : ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ . قالوا : ” إنه كان يعطينا عوضاً منها – أي الأموال- التطهير والتزكية والصلاة علينا وقد عدمناها من غيره ” ([6]). وقالوا : ” إنما كُنَّا نؤدي الى رسول الله صلى الله عليه و سلم لأن صلاته سكن لنا وليس صلاة أبي بكر سكنا لنا فلا نؤدي اليه” ([7]) .

وقد نص الشافعي على اعتبار تأولهم .

قالوا : وتأولهم من جنس تأول قدامة بن مظعون رضي الله عنه في شرب الخمر ، وقد عذره الصحابة ولم يكفروه

قالوا : ولذلك فإن قتال أبا بكر رضي الله عنه لهم هو كقتال أهل البغي فيأخذ أحكامه، وليس من قتال المرتدين ، وعلى هذا جرى الإمام الشافعي في كتاب الأم إذ قال : ” وَمَانِعُ الصَّدَقَةِ مُمْتَنِعٌ بِحَقٍّ نَاصِبٌ دُونَهُ ، فَإِذَا لَم يَختَلِف أَصحَابُ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي قِتَالِهِ ؛ فَالبَاغِي يُقَاتِلُ الإِمَامَ العَادِلَ فِي مِثلِ هَذَا الْمَعْنَى ؛ فِي أَنَّهُ لَا يُعْطِي الْإِمَامَ الْعَادِلَ حَقًّا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ ، وَيَمْتَنِعُ مِنْ حُكْمِهِ ، وَيَزِيدُ عَلَى مَانِعِ الصَّدَقَةِ أَن يُرِيدَ أَن يَحكُمَ هُوَ عَلَى الإِمَامِ العَادِلِ وَيُقَاتِلَهُ ، فَيَحِلَّ قِتَالُهُ بِإِرَادَتِهِ قِتَالَ الإِمَامَ .

قَد قَاتَلَ أَهلُ الِامْتِنَاعِ بِالصَّدَقَةِ وَقُتِلُوا ثُمَّ قُهِرُوا ، فَلَم يقد مِنهُم أَحَدًا مِن أَصحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكِلَا هَذَينِ مُتَأَوِّلٌ ؛ أَمَّا أَهلُ الِامْتِنَاعِ فَقَالُوا : قَد فَرَضَ اللَّهُ عَلَينَا أَن نُؤَدِّيَهَا إلَى رَسُولِهِ ، كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى قَولِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِرَسُولِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ ﴾ وَقَالُوا : لَا نَعْلَمُهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَن نُؤَدِّيَهَا إلَى غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبَغْيِ فَشَهِدُوا عَلَى مَنْ بَغَوْا عَلَيْهِ بِالضَّلَالِ ، وَرَأَوا أَنَّ جِهَادَهُ حَقٌّ ، فَلَم يَكُن عَلَى وَاحِدٍ مِن الفَرِيقَينِ عِندَ تَقَضِّي الحَربِ قِصَاصٌ عِندَنَا ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ “.

وعلى الجملة فصنيع أبي بكر كان حينها ينبغي منه استعادة هيبة الدولة، والإحاطة بالفتنة، التي اشتعلت بعد وفاة المصطفى ﷺ.

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى